تأملات في الادارة تأليف: تيودور ليفيت
رغم التقدم التكنولوجي لم يزل المدير الفعال هو
الهدف التي تسعى المنظمات إلى اجتذابه ليكون
حلقة الوصل بين فرق العمل من جهة وبين خطط
المنظمة وتصوراتها المستقبلية من جهة
أخرى.فهو البوتقة التي تنصهر بداخلها كافة
مفاهيم المنظمة وسياستها الآنية، والاستراتيجية،
مع الخبرات والقدرات والمهارات الإدارية،
ويتشكل مردود هذا الخليط سلوآا إنتاجيا فعالا يتم
نقلة إلى أفراد الفريق،فيمارسون أعمالهم في بيئة
عملية تتحقق معها أهداف المنظمة في التطوير
والنجاح.
ورغم تنوع ممارسات المدير الفعال إلا أن هناك
على الأقل ثلاث مهام لابد أن يؤديها :
١) التفكير في أهداف المنظمة والمسار الذي
يجب أن تسلكه.
٢) التغيير بقصد التجديد والابتكار والوصول
للأفضل.
٣) إدارة عمليات التشغيل.
أولا:التفكير
المدير المفكر
( خلاصات آتب المدير ورجل الأعمال السنة الأولى – العدد الخامس عشر (يوليو ١٩٩٣
٢
لا تقتصر مهمة المدير على أن يسأل مرؤوسيه
عن سير العمل، بل تتجاوز إلى حثهم على التفكير
.إن معظم المديرين اليوم يديرون بطرق الأمس
لأنهم اكتسبوا خبرتهم وحققوا نجاحهم في الماضي
ولكن الإدارة يجب أن تكون للمستقبل، لذا علينا أن
نسأل أنفسنا ما الذي يجب عملة؟ وليس ما الذي تم
إنجازه، وما هي البيئة المحيطة- كالمنافسين
الحاليين والمتوقعين وتأثيرهم على
المستهلكين،وتعليمات الحكومة، والتغيرات
السكانية والتقدم التكنولوجي…خذ مشكلة التخزين
مثلا:فقد أدى تقدم نظم المعلومات إلى إلغاء الحاجة
لتخزين كميات كبيرة من السلع،ومن ثم تخفيض
تكاليف المخزون.إننا في عصر المعلومات نحتاج
إلى معالجة البيانات والأرقام حتى تصبح
معلومات، ونحتاج إلى معالجة المعلومات حتى
تصبح ذات معنى .ومع هذا فإن كثرة المعلومات
قد تضر أكثر مما تنفع .إن ما يحتاجا المدير هو
القدر الكافي المميز من المعلومات المهم هو أن
يفكر فيما يلزمه من هذه المعلومات التي تعينة
على حل المشكلة التي يبحثها.
ولكن"التفكير" للأسف لا ينال الاهتمام الكافي
ففي الحياة العملية يتم اختيار المديرين على أساس
الخبرة وليس على أساس القدرة على التفكير لأن
هناك جهاز المستشارين في المنظمة، وهو الذي
يفكر ويقدم البدائل ويوثق المعلومات، ثم تقوم لجنة
بالاختيار من هذه البدائل .ومن ثم فإن تفكير
المديرين ينحصر في نطاق ضيق جدا .بعكس ما
كان يحدث قديما عندما لم تكن نظم المعلومات قد
تقدمت بعد. كان عمل المدير ثقيلا.وكان يعتمد
على تحليل البيانات القليلة المتاحة على خبرته
وذكائه وبديهته وحكمته وطاقته الجسمية وجرأته،
ويتعلم من النتائج التي يحققها،الحسنة منها والسيئة
.ورغم من أن هذه الطريقة قد تقادمت، الا أن
المدير الحديث من جهة أخرى يعتمد كثيرا على
خدمات المستشارين مما يجعل دوره محدودا بما
فيه الجانب التفكيري، ويزيد من الأنشطة الأخرى
الظاهرة، كالتجول والحديث مع الآخرين
وتشجيعهم(إنها الإدارة بالتجوال).
إن النتيجة المنطقية للاعتماد الشديد على
المستشارين، هي أن يتعطل الجانب التفكيري
للمدير. إنه يصدأ نتيجة لعدم الاستخدام. مع أن
المدير عندما يرتقي في السلم الوظيفي يلزمه
التفكير الجاد العميق في أهداف المنظمة
وإستراتيجيتها ونظمها التكنولوجية والأفراد
الملائمين للوصول إلى هذه الأهداف. إن خبرة
المدير تحتاج اليوم إلى التفكير العميق، حيث
يعيش المدير في بيئة أهم ملامحها هو التغير
المستمر والسريع.
المدير السيئ
المدير الجيد يصحبه زملاء جيدون ويعين أفرادا
جيدين. أما إذا كان محاطا بمديرين سيئين فإنه قد
ينحدر إلى مستواهم. المدير الجيد واثق، يحسن
التفكير والحديث، يحسم أموره ويسهل أداء المهام
لدية ولا يرضى بذوي الأداء الضعيف، بل
يستبدلهم بغيرهم.
إن الأداء السيئ يعكس إدارة غير جيدة، وخاصة
إذا استمر سوء الأداء كظاهرة. والحل عندئذ هو
تغيير هذه الإدارة. ولكن الخطورة في أن المدير
غير الناجح يصور الأمور بأحسن مما هي في
الواقع، ويؤكد أن هناك إجراءات تتخذ للتحسين،
ومن ثم يبقى في منصبه. وكذلك إذا كان
المرءوسون والمساعدون غير ملائمين فلن يتم
التوصل إلى نتائج مهما عظمت إستراتيجية
المنظمة وهيكلها ونظم معلوماتها. إن العالم اليوم
لا يتطلب فقط الجهد المناسب، وإنما أيضا التوقيت
المناسب، وبالقوة والثقة اللازمة.
إن المديرين الذين يتهربون من مواجهة المشكلات
والضغوط أو يراوغون في تنفيذ التغيير واستغلال
الفرص الجديدة، تتدهور أحوال منظماتهم مقارنة
بالمنظمات المنافسة، وتميل مؤشراتها للهبوط
بشكل عام. وبما أن الإنسان يضعف مع الكبر،
فإن المنظمات القوية تستبدل هذا بغيره، حتى تجدد
شبابها. وهناك منظمات تتبع طريقة دفع نسبة من
المديرين لترك العمل، وتبدأ بأضعفهم، فلا يبقى
بها إلا الأقوياء الذين يقودون المنظمة للأمام.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق